صحيفة “بوليتيكن”: هجمات أرامكو تعكس فشل سياسات بن سلمان
المشهد الجنوبي الأول – وكالات
رأت صحيفة “بوليتيكن” الدنماركية، في مقال لكبير مراسليها في المنطقة العربية أندرس جيركو، اليوم الثلاثاء، أنّ الضربة التي تعرضت لها منشآت النفط السعودية لشركة “أرامكو”، السبت الماضي، تعكس “فشل” سياسات ولي العهد محمد بن سلمان، قائلة تحت عنوان لافت بأن “بلده لم يرَ قائداً أخرق ومتهوراً وخطراً أكثر منه”.
وأشارت الصحيفة إلى “الوضع الصعب” لبن سلمان، مضيفة أنّ “الهجمات بطائرات مسيرة/ صواريخ على أكبر مواقع نفطية في بلده، حشرته في الزاوية، ما يجعل منه أكثر خطورة وبتصرفات لا يمكن التنبؤ بها”، لافتة إلى “أنّ توقف نصف الصادرات من الإنتاج السعودي النفطي، و5% من الحاجة العالمية، في بقيق وخريص، يصيب المملكة في قلبها”.
وتسبّبت الهجمات على بقيق حيث تقع أكبر منشأة لمعالجة النفط في العالم، وحقل خريص النفطي في شرق المملكة، بارتفاع قياسي في أسعار الخام في الأسواق العالمية المضطربة.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ بن سلمان “عاد مرة أخرى لإبداء استعداد للرد بعد طلب ضوء أخضر من (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب، بعد أن يحدد ولي العهد على من سيرد، فلم يسبق في تاريخ السلطة السعودية أن كان هناك شخص يتصرف بمثل هذا الغباء والتهور ودون قدرة على تنبؤ ما يمكن أن يقدم عليه”.
وذكّر المقال بضرورة “النظر فقط إلى فداحة ما قام به (بن سلمان) والكابينت (فريقه) الضيق العام الماضي، بقتل وتقطيع شخص واحد مثل (الصحافي والكاتب السعودي) جمال خاشقجي، بعد نصب فخ له في قنصليتهم في إسطنبول”.
وأضاف “شخص واحد (خاشقجي) قتل وقطع لمجرد أنه انتقد طريقة الحكم، ووجده (بن سلمان) عقبة في طريقه. فلم يتخلصوا منه بطلقة نارية أو في حادث سير مفتعل في أي مكان حول العالم، بل وبدون تردد أرسل الرجل 17 شخصاً، ومن مقربيه وحراسه الشخصيين وطبيب تشريح، ليقوموا وبدون تكتم، بتقطيعه إلى قطع صغيرة بعد اغتياله، قبل أن تكشف كاميرات المراقبة في المطار وخارج القنصلية الفريق القاتل، فتلك الجريمة تعكس غطرسة السلطة والإفراط بالغباء السياسي عند هذا الرجل (بن سلمان)”.
وأعادت “بوليتيكن” سرد تصرفات بن سلمان قبيل جريمة اغتيال خاشقجي، لتربط بين ما وصفتها “غطرسة القوة وضرب المملكة في قلبها” بالعودة إلى 2015 “حين زج محمد بن سلمان المملكة السعودية في صراع متأصل في اليمن، بشن حملة جوية بقصد تحطيم ما يسمى الحركة الحوثية، وتبين أيضاً أنها سياسة خرقاء، فلم تكن السعودية بحاجة للتدخل العسكري في اليمن، ولم يكن ثمة أدلة على تدخل منافستها إيران لدعم الحوثيين يومها، فيما الإيرانيون اليوم متورطون بدون شك”.
وأضافت الصحيفة الدنماركية أنّ “بن سلمان وعد آنذاك بأنّ التدخل لن يستغرق سوى بضعة أشهر، وبعد 4 سنوات وعشرات آلاف القتلى اليمنيين، وإغراق البلد بأزمة إنسانية وتجويع نصف سكان البلاد، واتهام السعودية بارتكاب جرائم حرب، فقد كلف الرجل (بن سلمان) أسرته (العائلة الحاكمة) أثماناً باهظة، إن بالريال أو على مستوى المكانة، وتعالت الأصوات في مجلس العموم البريطاني والكونغرس الأميركي لوقف الحرب بعد جريمة قتل خاشقجي”.
“ضياع هيبة” السعودية
ولفتت الصحيفة إلى “ضياع هيبة السعودية أمام إرسال موجات طائرات مسيرة واشتعال مصانع نفط استراتيجية، لا يتحمل أحد مسؤوليتها بقدر ما يتحملها ولي العهد”.
وأضافت في هذا السياق أن “يعلن الحوثيين شرف مسؤوليتهم عن الهجوم شيء، وأن تبحث السعودية عن جواب أكيد عما إذا كانت الطائرات التي هاجمتها صناعة إيرانية هو شيء آخر، إلى جانب معرفة مكان انطلاقها إن من اليمن أو من العراق. فلو كانت إيران حقاً من فعلها فسنكون أمام شرق أوسط تتهدده أزمة كبرى، وما سيحسم ذلك، الوجهة التي انطلقت منها الطائرات المسيرة”.
وتحدثت الصحيفة عن “عجز” السعودية عن حماية نفسها بالقول، إن “جيش ودفاعات بن سلمان عجزت عن وقف الهجمات، وردة فعله بسبب الضغوط التي يجد نفسه تحتها، تجعله أكثر ميلاً نحو العنف”.
وأشارت الصحيفة إلى مفارقة أخرى “فمن السخرية أن تصبح الهجمة الأخيرة دافعاً لنسيان عالمي لجريمة القتل البشعة التي أقدم عليها بن سلمان بحق خاشقجي، مثلما يجري تناسي جرائم الحرب في حرب فاشلة وغير ضرورية في اليمن، فالسعودية وترامب ذهبا سريعاً إلى مخاطبة العالم عن أنّه لا ينبغي التسامح مع هذه الهجمات”.
وتختم الصحيفة الدنماركية بالقول إنّه في نهاية المطاف “تعرضت سلطة ولي العهد لتحد عنيف، فهذه الهجمات وقعت تحت سلطته أيضاً كوزير دفاع غير مجد، ويعرض بلده للإذلال والمهانة، هذا إلى جانب الآثار على الاقتصاد السعودي الذي لن يتحمل أن يتوقف نصف إنتاجه الحيوي من النفط، وإن كان لفترة وجيزة”.