القوات السودانية تقتحم موقع اعتصام المتظاهرين الخرطوم
المشهد الجنوبي الأول ــ متابعات
اقتحمت قوات الأمن السودانية موقع اعتصام في وسط الخرطوم في ساعة مبكرة من صباح اليوم الاثنين وترددت أنباء عن مقتل تسعة أشخاص على الأقل في أسوأ أعمال عنف منذ الإطاحة بحكم الرئيس عمر البشير في أبريل نيسان.
وأظهرت لقطات بثتها قناتي الحدث والجزيرة العربيتان مشاهد فوضوية لأشخاص يركضون في الشوارع مع استمرار تردد أصوات إطلاق النار وآخرين يهرعون لنقل الجرحى. واتهمت الجماعة الرئيسية المنظمة للاحتجاج المجلس العسكري الحاكم بفض الاعتصام ووصفت الهجوم بأنه ”مجزرة“.
لكن المجلس قال إن قوات الأمن استهدفت عناصر إجرامية قرب منطقة الاعتصام. ووصلت المحادثات بين المحتجين والمجلس العسكري السوداني بشأن الحكم خلال الفترة الانتقالية بعد عزل الرئيس البشير في وقت سابق هذا العام إلى طريق مسدود.
وعرض المجلس العسكري الانتقالي، الذي تولى السلطة في أبريل نيسان بعد أن عزل الجيش البشير، السماح للمحتجين بتشكيل حكومة لإدارة البلاد لكنه يصر على الاحتفاظ بالسلطة خلال فترة انتقالية.
ويريد المتظاهرون أن يدير المدنيون الفترة الانتقالية وقيادة البلاد التي يبلغ عدد سكانها 40 مليون نسمة إلى الديمقراطية. ويتناوب آلاف الشبان والشابات الاعتصام خارج مبنى وزارة الدفاع بؤرة الاحتجاجات المناهضة للحكومة والتي بدأت في ديسمبر كانون الأول.
وقالت لجنة أطباء السودان المركزية المعارضة إن تسعة أشخاص على الأقل قتلوا في أعمال العنف يوم الاثنين. وقال تجمع المهنيين السودانيين، وهو الجماعة الرئيسية المنظمة للاحتجاج، في بيان ”يقوم المجلس العسكري الانقلابي الآن بإبراز وجهه القميء من خلال إحضاره قوات نظامية بعدد ضخم جدا لميدان الاعتصام للقيام بعملية فض ممنهج لاعتصامنا الباسل أمام القيادة العامة“. وحث الشعب السوداني على التوجه إلى مقر الاعتصام لمساعدة المحتجين هناك.
وقال الفريق شمس الدين كباشي المتحدث باسم المجلس العسكري إن قوات الأمن استهدفت عناصر إجرامية وإن المحتجين بأمان.
وقال كباشي ”لم يتم فض الاعتصام ولكن كانت القوات بصورة قانونية تحاول فض المنفلتين في منطقة كولومبيا المجاورة للاعتصام وفر بعض المنفلتين لمنطقة الاعتصام وأحدث هذا حالة من الربكة“. وأضاف ”المجلس العسكري ملتزم بما تم الاتفاق عليه سابقا مع قوى الحرية والتغيير ومستعدون لاستمرار التفاوض وللمسار السياسي“.
* مخاوف أمريكية وبريطانية
قال السفير البريطاني في الخرطوم إنه سمع إطلاق نار كثيف لأكثر من ساعة من مقر إقامته وإنه يشعر بقلق بالغ. وكتب على حسابه على تويتر ”لا مبرر لمثل هذا الهجوم. يجب أن يتوقف ذلك الآن“. ووصفت السفارة الأمريكية في الخرطوم الهجوم على الاعتصام بأنه ”خطأ“ وقالت إنه يتعين أن يتوقف. وكتبت السفارة على حسابها على تويتر ”المسؤولية تقع على عاتق المجلس العسكري. المجلس العسكري لا يمكنه قيادة شعب السودان بشكل مسؤول“.
وفي القاهرة قالت مصر إنها تتابع تطورات السودان ”ببالغ الاهتمام“. وأضاف بيان أصدرته وزارة الخارجية ”تؤكد مصر على أهمية التزام كافة الأطراف السودانية بالهدوء وضبط النفس والعودة إلى مائدة المفاوضات والحوار بهدف تحقيق تطلعات الشعب السوداني“.
وأظهرت لقطات تلفزيونية دخانا يتصاعد من خيام أحرقت فيما يبدو أثناء مداهمة قوات الأمن. وتدفق المحتجون على شوارع الخرطوم ومدينة أم درمان على الضفة الأخرى لنهر النيل بعد أن انتشرت أنباء الهجوم. وقال شهود إن المحتجين أغلقوا طرقا بالحجارة والإطارات المشتعلة.
ورشق محتجون وبعضهم يلوح بأعلام السودان، قوات الأمن بالحجارة وسط دوي إطلاق مكثف للنيران. وأظهر تسجيل مصور على وسائل التواصل الاجتماعي أحد المحتجين يسقط على الأرض ويصرخ من الألم بعد إصابته بذخيرة حية فيما يبدو. ورأى شاهد من رويترز القوات وبينها قوات مكافحة الشغب وأفراد من قوة الدعم السريع وهي تلوح بعصي في وسط الخرطوم والطرق القريبة في محاولة لمنع الناس من الوصول لمكان الاحتجاج.
وتم إغلاق الجسور على النيل التي تربط عدة مناطق بالعاصمة السودانية. ولم تظهر دلائل على نشر قوات أمن في أم درمان. وكان السودان على قائمة الولايات المتحدة للدول الراعية للإرهاب في عهد البشير، وهو إسلامي من ضباط الجيش حكم البلاد لنحو 30 عاما ومطلوب في اتهامات بارتكاب جرائم حرب في دارفور.
وتحاول قوى إقليمية متعددة، منها دول الخليج الغنية، التأثير على مسار الأحداث في السودان. واستقرار السودان حيوي لأمن المنطقة التي تواجه تمرد متشددين إسلاميين من منطقة القرن الأفريقي عبورا بمصر ووصلوا إلى ليبيا. شارك في التغطية الإخبارية علي عبد العاطي ومحمد عبد اللاه -إعداد لبنى صبري للنشرة العربية – تحرير منير البويطي