مظاهرات السودان ومعركة الخبز.. خلية أزمة وحكومة وطنية
المشهد الجنوبي الأول ــ متابعات
اعترفت الحكومة السودانية بالأزمة الاقتصادية وسط تواصل الاحتجاجات التي تخطت مطالبها توفير الخبز إلى المطالبة برحيل النظام وإفساح المجال لحكومة “كفاءات وطنية ذات مهام محددة وتوافقية بين كافة أطياف الشعب السوداني”.
وجاءت تلك المطالب في مذكرة المهنيين الذين سيّروا موكبا سلميا إلى القصر الرئاسي تصدت له القوات الأمنية قبل تسليم المذكرة.
وتعتبر تلك الاحتجاجات التي انطلقت منذ أسبوع هي الأعنف منذ سنوات وسط انقسام وطني حاد وتدهور سريع في قيمة العملة الوطنية ترتب عليه ارتفاع حاد في أسعار المواد الاستهلاكية.
وأقرت الحكومة بسقوط 8 قتلى في احتجاجات الأيام الماضية بينما تقول المعارضة إن العدد وصل إلى 22 قتيلا وعشرات الجرحى.
وفي اليوم السابع، دعا تجمع مهني يضم لجنة الأطباء المركزية إلى تسيير موكب سلمي لتسليم مذكرة إلى القصر الرئاسي تطالب الرئيس بالرحيل.
وأغلقت القوى الأمنية كافة الشوارع المؤدية إلى القصر الرئاسي، وفرضت طوقا أمنياً على محيط القصر بينما تصدت قوات أخرى للمحتجين على مداخل الشوارع المحيطة بالقصر.
“لا خبز بالمدينة”
وانطلقت شرارة المفاوضات في مدينة عطبرة بشمال السودان بعد 3 أيام من خلو المخابز من الخبز.
وقال مدير جهاز الأمن والمخابرات في بيان للصحافيين، إن لحظة اندلاع التظاهرات لم يكن هنالك خبز بالمدينة.
وكانت الحكومة قد طرحت ما أسمته “الخبز التجاري” حيث بلغ سعر القطعة الواحدة 3 جنيهات بدلا من جنيه واحد، وأصبح معتادا مشاهدة الصفوف الطويلة أمام المخابز على مدار اليوم.
ويستورد السودان قمحا بقيمة 700 مليون دولار، وتقول الحكومة إنها لا تستطيع المضي في دعم القمح، لكنها وعدت بإبقاء الدعم للشرائح الفقيرة.
ردم الهوة
وكان السودان يعتمد على الذرة البيضاء كقوت لعامة الشعب، لكن منذ أكثر منذ ثلاثة عقود أصبح القمح الغذاء الرئيس لأغلب سكان المدن وبعض المناطق الريفية.
وتسعى الحكومة لردم الهوة في الميزان التجاري بعد تدهور قيمة العملة الوطنية بعد أن وصل العجز في الميزان التجاري إلى أكثر من 40%.
البشير يعترف
هذا واعترف الرئيس السوداني عمر البشير بالأزمة الاقتصادية، ووعد بإيجاد حلول عاجلة لأزمة الخبز والسيولة النقدية وإعادة الثقة في الجهاز المصرفي الذي عجز منذ أشهر عن توفير السيولة للعملاء.
لكن الأزمة لا تطال القطاع المصرفي فقط، حيث واجه الموسم الزراعي نقصا حادا في الجازولين، وعجز المزارعون عن إنجاز موسم الحصاد على الوجه الأكمل.
من جانبها، قالت المعارضة السودانية إن الأزمة ليست اقتصادية ولكن جذورها تعود إلى أسباب سياسية، وطالب حزب الأمة، أكبر الأحزاب، المعارضة بتكوين حكومة وفاقية، محذراً الحكومة من مواجهة غضب الشعب بالحلول الأمنية فقط.
خلية أزمة
الحكومة السودانية التي التزمت الصمت في مواجهة الأزمة بدأت في طرح حلول لاختبار القوى السياسية الأخرى، حيث لمح القيادي بحزب المؤتمر الوطني الحاكم الذي تحدث لت”العربية.نت” عن احتمال تكوين خلية أزمة لإدارة الوضع الاقتصادي وتكوين حكومة “وحدة وطنية” لكنه لم يعطِ تفاصيل عن الأحزاب التي ستشارك في تلك الحكومة.
وتبرر الحكومة السودانية التدهور السريع في الاقتصاد بذهاب حقول البترول إلى دولة الجنوب بعد الانفصال، والحصار الاقتصادي، لكن مراقبين يضيفون أسبابا أخرى تتعلق بالفساد وسوء الإدارة.
وأنشأت الحكومة آلية لمكافحة الفساد، واحتجزت السلطات الأمنية بعض من أسمتهم “القطط السمان”، لكن مراقبين يطالبون بإشراك الجهات العدلية في قضايا الفساد، وبالشفافية في كشف المتلاعبين في قطاع الدواء والجهاز المصرفي.