مع الحديث عن تطبيق النظام الفيدرالي في اليمن وإمكانية ان يستفيد كل إقليم من موارده الطبيعية، نشأت بين ابنأ الأقاليم نوع من الممايزة بإعتبار ان بعض الأقاليم لديها من الموارد الطبيعية حظ أوفر من غيرها، ولكننا لم نشهد إعتبار للموارد البشرية التي لابد ان لجان التقسيم الإداري لم تغفلها كونها من أهم الموارد التي بدونها تعد كل الموارد الطبيعية لا قيمة لها. فالعنصر البشري المؤهل هو المحرك الرئيسي للموارد الطبيعية، وبدونه أو بفقدان أهليته لا قيمة لأي مورد مهما سهلت إدارته.
ولكن مايدفع للأمل في هذا الجانب انه من الممكن لشخص واحد أو بضعة أشخاص ان يغيروا من وضع بلدتهم وينقلونها نقلة نوعية الى الأمام، وهناك شواهد حية كثيرة لأفراد استطاعوا ان ينتشلون بلدانها بعد سنين من الإنحطاط والتخلف، فهل لمحافظة شبوة نصيب ممن يستطيعون إنتشالها مما هي فيه؟ وهل آن لأهلها إيثار المصلحة العامة على المصالح الشخصية والخضوع لما يصلحهم بدون الإستعانة بعصي الغرباء؟ هذا مانعوّل عليه ونأمله من قيادة المحافظة ومحافظها المنتظر.
فبعد فشل المحاولة الجادة لمحافظ شبوة العميد عبدالله علي النسي عندما عزم على إعادة انتاج وتصدير النفط قبل قرابة عام وبعد ان نفذ صبر سلطة المحافظة المحلية من حكومتي الإنقلابيين في صنعاء والشرعية في الرياض اللتان أهملتا شبوة ومسؤوليها كلياً، تفاجئت المحافظة بإعادة نشاط مينائي بيار علي البحريين بجهود فردية لم يكن لإدارة المحافظة أي دور فيها، ولكن وبدلاً من تشجيع ذلك المورد وتنظيمة اكتفت السلطة المحلية بالمحافظة بفرض الضريبة الجمركية العشوائية في نقطة الجلفوز الواقعة بمدخل مدينة عتق عاصمة المحافظة، ولم تفوّت أنوف سكان المناطق التي تمر بها الطريق المؤدية الى عتق روائح المستوردات، فملئت الطريق بنقاط المتقطعين الذين يفرضون ضريبتهم الخاصة على كل شاحنة آتية من بيار علي إن لم يتقيهم أهلها براية سوداء مزورة، وبدورهم نشطاء التواصل الإجتماعي وبعض الإعلاميين في المحافظة لم يتوانون في شن حملة إعلامية مناهضة وفاضوا على إنشطة المينا بسيل من الإتهامات أدت جميعها في النهاية الى توقيفه. ذلك هو المعيار الذي أظهر مستوى العنصر البشري وأهليته، ووضع قدرات السلطة المحلية على المحك العملي.
إنه من الغباء الكبير لمن بيده إمكانية إصلاح أوضاع بلدته ان يظل في انتظار الحلول المركزية من زعماء الحرب والنزاع، ومن السحت لمحافظة غنية بكثير من البدائل ان تظل في انتظار ما تتفضل عليها به دول التحالف العربي، ومن العيب والظلم ان يكتفون أهلها بتحصيل ضريبة القات وهم لم يستطيعون تأمين من يدفع تلك الضرائب.
فهل تعاب شبوة لو أستطاع أهلها تفعيل منفذ من منافذها البحرية والإستفادة من عائداته؟ أليس السماح للتجار بإستيراد ماتتطلبه السوق المحلية عبر مواني محافظة شبوة خطوة إيجابية تخدم شبوة وغيرها؟ أليس إصدار المحافظة لبيانات جمركية للمركبات والأليات المستوردة أفضل من تهريبها؟ ففي الوقت الذي تنتظر المحافظة محافظاً لها، هناك مهام جسيمة في انتظاره ومن أهمها العمل على توحيد أقطاب المحافظة وإحيا فيهم روح التعاون ليعملون كفريق واحد من أجل تأمينها وإستثمار مايمكن من مواردها الطبيعية.
وتعد مواني المحافظة البحرية من أهم وأنحل مواردها الطبيعية خصوصاً مينائي بيار علي الذين لا ينقصهما إلّا ان يؤمنا وينظما جيداً. ومن خلال إستثمار ذلك الرافد الخصب يمكن للسلطة المحلية بالمحافظة ان تحل كثير من مشاكلها المالية وتوفر فرص عمل كثيرة من ضمنها إستيعاب عناصر المقاومة الشعبية وتشريفهم بتأمين المواني وطرق نقل المستوردات.
فمن المؤمّل من محافظ شبوة المنتظر إن يتمكن من توحيد قوى المحافظة وإعادة أمنها والتركيز على العمل الجاد لإعادة نشاط مينائي بيار علي لإستقبال كل أنواع البضائع المشروعة بمافيها المركبات وجميع الآليات المختلفه وقطع الغيار وكلما تتطلبه السوق.
ويعد إنجاح ذلك النشاط خطوة على طريق تطبيق النظام الفيدرالي لمن يؤيد نظام الأقاليم، وليس بعيداً عن السير نحو الإستقلال لمن يبتغيه، وهو حق مشروع من حقوق أبنأ محافظة شبوة ولا يعترضه أو يسعى لإفشاله إلّا من كان أداة من أدوات المتنفذين.