السياسة جسر عبور بين ضفاف المشكلات !!
الإنسان حيوان سياسي
حقاً الإنسان حيوان سياسي بالتعريف الإجتماعي, لأن حياته لا يديرها إلاّ بالسياسة, والسياسة حقل معرفي له أدواته تنقل الإنسان من حالة الطبيعة إلى الحالة الاجتماعية, ولا يمكن تصور حياة الناس من دون سياسة, حيث أن السياسة وسيلة ضبط علاقة الناس بعضهم ببعض وعبرها يتم حل خلافاتهم , كما أن غاية السياسة إقامة مجتمع يسوده السلم الأهلي والوئام الاجتماعي, وهي أيضاً وسيلة حل الخلافات والصراعات في المجتمعات المقسمة والممزقة, إذا تضطلع بهمة إعادة السلم الأهلي الضائع.
غياب السياسة
غياب السياسة عن مجتمع ما يقود الناس إلى التمزق والإنقسام كما يكون الصراع والتناحر بين الناس أساس علاقتهم.
حضور السياسة يعافي المجتمعات ويضبط علاقة البشر بعضهم ببعض.
إن اختلاف رؤية وفهم الناس للسياسة اليوم نتاج لأختلاف مفهومها الذي تطور عبر تطور الفكر السياسي, إذ أن لكل زمن فكرها السياسي الذي يناسبها, وعليه شهدت السياسة تطوراً في مضمونها من كونها ” السياسة مؤامرة” أو تعني الدهاء والمكر والخديعة والوقيعة إلى كونها “السياسة معرفة” أو تعني إدارة مصالح الناس المتناقضة وتهدف إلى الحفاظ على السلم الأهلي ووئامهم الاجتماعي. مفهومها الأولى رديف للأنظمة السلطانية التي تعتمد على القوة أساس للمُلك, بينما مفهومها الثاني سليل الأنظمة المدنية التي تعتمد الدول فيها على مفهوم الحق والقانون.
حضور السياسة بما هي مؤامرة عقبة كأداء أمام تعافي الوضع في هذا البلد, لأن النخب استمرأت إدارة حياة الناس بهذه الطريقة, وهذه الطريقة أس وجذر بؤس وشقاء الناس في القاع, كما أنها ولّدت شك وريبة النخب السياسية في بعضها البعض, ناهيك عن جدار الشك الذي تولّد عند عامة الناس من العملية السياسية برمتها.
لما كانت السياسة نشاط عقلي وفي ظل خيبات الناس المتلاحقة خلقت لديهم نوع من العزوف وكراهية كل ما ينتجه العقل وهذه الحالة حالة الأحباطات والأنتكاسات تؤدي إلى تقهقر الفكر تولد ما أطلق عليه أفلاطون Misology أو Reluctance of the mind العزوف عن العقل أو ضرب من كراهية العقل.
أن الناس ونتيجة الخيبات المتلاحقة تعيش حالة من عدم الثقة والشك وبات من المستحيل معافاة الوضع بنفس الوسيلة ونفس النخب التي قادت البلد إلى هذا المربع, ومنطقياً يستحيل أن يكون المتسبب في المشكلة أداة للحل.