تقرير : الساحل الغربي محرقة للجنوبيين دون ضمانات
المشهد الجنوبي الأول / عدن الغد
لم تأتِ معركة الساحل الغربي إلا بمزيد من المواجع والمآسي للأسر الجنوبية فما إن بدأت تتناسى تلك الأسر حرب صيف 2015 على الجنوب، إلا وزج بالجنوب في معركة خارج حدوده. عودة سقوط عشرات الشهداء والجرحى تعود إلى الواجهة مجددًا لكن هذه المرة في الساحل الغربي، فيما من يتألم أخيرًا الأسرة البسيطة، التي تنتظر عدة آلاف يمنية لسد جوعها.
شهدت مواقع التواصل الاجتماعي غضب جنوبي عارم نتيجة الزج بالشباب الجنوبي في معارك ليست ذو أولوية ولا تكليفًا كونها أتت من خارج الحدود.
بداية القصة
تمكنت المقاومة الجنوبية بدعم سعودي وإماراتي في العام الفان وخمسة عشر من تحرير محافظة عدن جنوبي البلاد عقب معارك ضارية مع المتمردين الحوثيين الذين أنقلبوا على السلطة الشرعية في البلاد ممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي، حيث تمكنت من بسط سيطرتها على المحافظة التي يرى الجنوبيون أن بتحريرها تنطلق تحرير بقية المحافظات الجنوبية إضافةً إلى أن لعدن مكانة خاصة في الجنوبيون إذ كانت بداية إنطلاق الحراك السلمي المطالب بإستقلال الجنوب منذ الفان وسبعة.
رأى الجنوبيون بأنه ببسط سيطرتهم على عدن بداية استعادة الدولة الجنوبية كما يحب أن يسموها، فيما أوهم التحالف السعودي والإماراتي الجنوبيون بذلك، حيث تركهم يحلمون لأعوام حتى بدأت تلك الأحلام الجميلة تتبخر وتذهب إلى طريق مجهول لازال الجنوبيون إلى اليوم يبحثون عن اجابة لتلك الأسئلة الشائكة.
سقطت عدن والمحافظات الجنوبية بأيدي المقاومة الجنوبية، ظن الجنوبيون أن بذلك تنتهي مهمتم، إلا ان الأيام كانت حبلى بالمفاجآت، حيث كان التحالف يخبئ لهم طريقا طويلًا مليئًا بالأشواك.
منذُ نحو مايقرب العام والنيف زج تحالف الدولي بالشباب الجنوبي إلى جبهة الساحل الغربي لمواجهة المتمردين الحوثيين، كانت هذه الخطوة النعش الأخير للجنوب وأبنائه عقب حروب عصفت ببلادهم وانهيار تام لمنظومة الخدمات.
لماذا الجنوب؟
يرى مراقبون للشأن اليمني بأن سبب الزج بالجنوب في معارك ليس له فيها مكسب وخارج حدوده تأتي من باب الثقة لدى دول التحالف العربي به.
أكد ذلك الصحفي اليمني محمد سعيد الشرعبي في تصريحات أدلى بها لصحيفة ” عدن الغد” حيث قال: التحالف السعودي الإماراتي يعتمد في عملياته العسكرية على القوات الجنوبية المتمثلة في الوية العمالقة والمقاومة الجنوبية كونهم الاقرب لها، موضحا أن هناك ثقة متبادلة بين الطرفين، وهذه الثقة معدومة بينهم وبين الجيش الوطني في الشمال.
لكن تلك الثقة اعتبرها سياسيون جنوبيون عمياء، متسائلين أين هي الثقة والتحالف لم يهتم بملف الخدمات ولا المواطنون في الجنوب على مدى مايقارب عن أربع سنوات؟
أثار عدم اهتمام التحالف العربي (السعودية – الإمارات) بالجنوب تساؤلات واسعة، فيما فسرها سياسيون بأن التحالف يستخدم الجنوبيون كدميه يوجهها كيفما يشاء في حرب لاناقة لهم فيها ولا جمل.
دلائل
لاقى انشقاق العميد طارق محمد صالح نجل شقيق الرئيس الراحل علي عبدالله صالح عن المتمردين الحوثيين وانضمامه الى قوات التحالف العربي في سبتمبر الماضي ترحيبًا واسعًا من قبل التحالف، حيث تمت معالجته عقب اصابته بجراح في احداث ديسمبر والذي لاقى الرئيس الراحل مصرعه فيها على يد حلفاءه الحوثيون عقب خلاف بين الطرفين المشاركين في الانقلاب على السلطة الشرعية في البلاد، فيما تم إعطاءه معسكرًا ببئر أحمد بالعاصمة المؤقتة عدن.
عقب اشهر وصل العميد طارق مع قواته الى الساحل الغربي لمواجهة حلفاء الأمس الحوثيون لكن ذلك لم يحدث إذ اكد شهود عيان هروب جنود طارق من وسط المعارك، فيما بقيت الوية العمالقة والمقاومة الجنوبية تقاتل المتمردين، ومما أثار صدمة الجنوبيون نسب إنتصارات القوات الجنوبية إلى قوات العميد طارق صالح.
أكدت هذه الحادثة بالدلائل عدم إهتمام التحالف العربي للجنوب وابناءه الحلفاء الحقيقيون، وأثارت غضبٌا عارمٌا.
قتال دون ضمانات
لم يقدم التحالف العربي أي ضمانات للجنوبيين أكان بالتعهد بالإعتراف بدولتهم، أو تقديم المساعدة في اعادة بناء الجنوب ومنظومته الخدمية.
قال الصحفي الشرعبي أن قوات العمالقة معظمهم مقاتلون سلفيين ليسوا ذوي نزعة استقلالية مقارنة بانصار الحراك بحسب ما يتجلى في تصريحات قياداتهم في معارك الساحل الغربي و ولائهم للرئيس هادي بصفته ولي الأمر.
واستبعد الشرعبي تقديم ضمانات إماراتية أو سعودية بدعم مشروع استقلال الجنوب مؤكدًا أن ذلك لن يتم إلا في حالة واحدة وهو في حال انتصر المتمردون الحوثيون في الشمال ، معتبرًا ذلك في الوقت ذاته احتمال بعيد بحكم معطيات الواقع الراهن.
هل يصبح الساحل الغربي محرقة للجنوبيين؟
إلى ذلك قال صحفيون وسياسيون جنوبيون أن الزج بالجنوبيين في معارك الساحل الغربي “محرقة” للشباب الجنوبي.
أشار الصحفي الجنوبي غازي العلوي مدير تحرير صحيفة “الأمناء”: أن العشرات من الشباب الجنوبي يسقطون شهداء وضعفهم جرحى يوميًا في جبهة الساحل متسائلًا بقوله: عن أي أنتصار سياسي او عسكري تتحدثون عنه يا هؤلاء؟
واضاف: ما يحصل لأبناء الجنوب في جبهة أو بالأحرى “محرقة” الساحل الغربي أمر يدعو للتوقف عنده لمراجعة حساباتنا والنظر بعمق وبفكر ثاقب وعندها باعتقادي سنصل للنتيجة الحتمية وهي ليست بحاجة إلى تنظير أو إجراء حسابات رياضية دقيقة .
وتصاعد الغضب الشعبي جنوبا مؤخرا على خلفية الزج بالشباب الجنوبي في معارك الساحل الغربي وهي مناطق شمالية.
تقرير: محمد فهد الجنيدي