عدن .. صراع القوى السياسية وانهيار لكافة مقومات الحياة
تقرير : عبدالله جاحب
وضعت أحلام تعانق عنان السماء وطموحات في غدا مشرق ليس لها حدود وبين ثناء المكان واسوار المدينة الحالمة بالتغيير منذ إعلان التحرير في العام 2015 م تتكسر كل تلك الأحلام وتلاشت الأمنيات في بزوغ مدينة تلامس لو الجزء اليسير من كل تلك التضحيات وذاك النضال وتلك الدماء التي روت وخضبت ورسمت وخطت ملامح ومعالم التحرير على أسوار المدينة وبين حواري وأزقة شوارعها التي ضاعت فيها كل التطلعات والأمنيات لبزوغ فجر يعود لها الحياة وتسير معها نسائم الحياة وتدفع بها تجاه التغيير المنتظر والمنشود منذ زمن بعيد وهو يرزح في مكانه بل لاوجود له بين معالم وملامح واسوار المدينة النازفة والواقعة بين انين وأوجاع المكان .
منذ ثلاث سنوات وعدن تقبع وتقع في دوامة ودائرة مغلقة ولم تخرج منها حيث حلم الجنوبيين بأن تمتد الأيادي الشقيقة في انتشارها من كابوس الحرب والدمار والخراب الذي خلفه نظام وحكم فات وانتهاء وزاد أوجاعه اجتياح غاشم لم يبقي ويذر على شي من أنفاس الحياة اقتصادي ومعيشي وسياسي واجتماعي ضاقت المدينة الحالمة في ذات يوم ان تشاهد مدينة تنيرها الإضاءة وتحولها ليلها إلى نهار , وتجد شوارعها خالية من زحام الأطقم والجنود والمليشيات التى لم تعلم تصنيفها واسماءها , وتنعم بنوم هادئ على سواحل بحرها دون ان تستيقظ على مفخخات واغتيال وقتل , حلمت بأن يضمن لها العيش الكريم مع خليط الحياة الا أكثر استقرار وامن وأمان بعيد عن النزاع والصراع التصادم والتشرذم بين اسوارها وعلى أبوابها بين الحين والآخر .
حلمت عدن بأن تكون مثلاً ملموسا لأبراج العرب في دبي ومبني تنطح عنان السماء والسماء السبع ولم تجد غير أنهار من الصرف الصحي وابار من المياه والقاذورات بين شوارعها وإحياءها وأزقة وحوافي المدينة وركام وأكوام من المخلفات والقمامة تحاصر المدينة كجيوش جراره تطبق الحصار وتحكم ذلك .
عدن المدينة الحالمة بالعيش الكريم والأمن والأمان والرخاء وأحلام عانقة عنان السماء واحتضان أمنيات وتطلعات تتبرول وتتحول إلى واقع ملموس على ارض الحقيقة .
أحلام تلاشت وتبخرت طيلة ثلاث سنوات وتحولت إلى كابوس جثم على انفاس المدينة واستقر وحل فيها بين انعدام الخدمات من كهرباء ومشتقات نفطية وانفلات أمني بين قتل واغتيال وعمليات إرهابية ونزاع وصراع سياسي وعسكري يملى المكان ويحصر أسوار المدينة عدن .
ثلاث سنوات ولم يتحقق شي احلام تلاشت وكابوس لم يزول او يتحرك من مكانه .
عدن مركز صراع القوى وهدف الأطماع :-
تحولت عدن الى مركز صراع لكل القوى المتصارعة طيلة ثلاث سنوات والرابعة تعزف اوتارها في الطريق تحررت عدن في العام 2015 م على أيادي المقاومة من أبناءها وظلت منذ تلك الفترة وهي تقبع وتكبل أحلامها صراعات ونزاع يخيم على أسوار مدينة.
في نهاية العام 2017 م بدأت مظاهرات واحتجاجات جراء تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشي وسوء أداء الحكومة الشرعية السياسية والإدارية وانهيار تام لكل مقومات الحياة في المحافظة وطلبت تلك الاحتجاجات برحيل ومغادرة الحكومة من محافظة عدن واستمرت وتطورت في دخول العام 2018 م إلى مواجهات مسلحة بين أطراف كانت تدعي وتقف في خندق وأحد ضد التمدد والنفوذالحوثي الإيراني.
اندلعت مواجهات طيلة ثلاث ايام متتالية وخلفت مايقارب 50 قتيل و لحق بالمحافظة ودمار وخراب دون أي مكاسب ملموسة وغادرت الحكومة قصر المعاشيق متجها الى الرياض بشروط تغييرها واستبدال حكومة وطنية وكفاءات ظلت الحياة في عدن غير مستقرة والنزاع والصراع مستمر على كل مفاصل الحياة فيها عسكري وسياسي .
ساءت الأوضاع اكثر وأكثر وبعد شهرين من الشد والجذب عادت الحكومة إلى العاصمة عدن وتبخرت كل تلك الوعود التي قطعت رجعت ونزلت وكأن شيء لم يحدث فيها وكانت النتيجة خسائر بشرية ومادية ودمار وخراب وتدهور وانهيار في الحياة ومفاصلها يوم بعد يوم وظلت عدن مركز للصراع والنزاع ولم يغير ذلك في الأمر من شي .
وظهرت شعارات تحمل صراعات ونزاعات جديدة على جدران وأسوار المحافظة بعبارات رافضة للتواجد الإماراتي وتصفه بالاحتلال وتطالبه بالرحيل وقد انتشرت تلك العبارات المعادية والرافضة للتواجد الإماراتي في مناطق متفرقة ومديريات عديدة في المحافظة واعتبرها الكثيرون بوادر صراع جديد بحاله وثوب جديد .
ولم تمضي الأيام على عودة الحكومة الا وطلبت قوى الجماهير بالخروج والتجهمر في عاصمة المحافظة جراء ارتفاع الأسعار في المستشفيات النفطية وتردي الوضع المعيشي والاقتصادي في المحافظة.
وفي الضفة الأخرى خرجت مظاهرات واحتجاجات تطالب برحيل القوات الاماراتية من عدن وإطلاق المعتقلين والمخفيين قسراً وعودة الحياة إلى عدن .
كل ذلك يوحى إلى هبوب صراعات ومتغيرات في قادم الأيام تحمل في طياتها صراع القوى المعتاد عليه , وتحول عدن مركزا للصراع الداخلي للقوى المتناثرة وبين أطماع لا يعرف سقفها ومنتهى وتلاشي حضورها .
لماذا حضرت الدولة والحياة السياسية والاقتصادية في مارب وغابت وتلاشت في العاصمة عدن :-
كل مقومات وأسس الدولة وتكوين الجمهورية والبناء والتغيير والحكومة تجدها عنوان بارز في محافظة مارب التي كانت قبل فترة من الزمن عبارة عن مساحة صحراوية فاقدة لكل مقومات الحياة .
اليوم تحولت مارب الى جمهورية ودولة بحد ذاتها تحمل في طياتها التغيير والتنمية والبناء والإعمار ونشطت فيها عجلة الحياة الاقتصادية وعجلة التنمية .
في مارب دولة وحكومة وجيش ومرافق وتنمية خاضعة تحت كنف دوائر حكومة ومؤسسات الدولة في مارب قيادات سياسية ومحافظ ومجلس محلي ومرافق مدنية تعمل وتفعل وقضاء ونيابات .
في عدن حضرت الحكومة ومقرها والتحالف وكل مقدراته وبنك مركزي وغابت الحياة والتنمية والإعمار والتغيير وتوزعت بين مصالح الأفراد والجماعات .
في مارب سيولة ومرتبات وإيرادات ورقابة وتفتيش وحوافز وعلاوات وتسويات للموظفين دون بنك مركزي .
في مارب أفعال وحضور الحكومة بعيد عن مقرها .
في عدن غيبوبة الحكومة وهي في مقرها .
في مارب دولة وجمهورية ومحافظة وكل مقومات وأسس الدولة من حكومة وقيادات ومحافظ ومجلس محلي وإعمار وتنمية وحياة اقتصادية تنشط يوم بعد يوم .
في محافظة عدن ثلاث سنوات من الأوهام والوعود الوردية, في عدن تلاشت واختفت ملامح ومعالم الحكومة والشرعية وظهرت الصراع والنزاع والاطماع وفي مارب تلاشت الصراع والنزاع وظهرت الدولة والحكومة والجمهورية والاعمار وعجله التنمية لماذا كل ذلك واين الخلل وفي من تكمن مفاتيح النجاح والإخفاق ؟ !
ثلاث سنوات والمياه راكدة في عدن :-
تعيش عدن حالة ركود وموت سريري في الخدمات والحياة السياسية وهي حتمية يجب التسليم بها شاء من شاء ورفض وتكبر من عاند ووضع نظارات سوداء وهناك العديد من الملفات التي اكلتها الصراعات وذابت بين النزاع والإطماع واصبحت في طي النسيان .
الشيء الذي يتجاهله الجميع في عدن أنها بدأت تفقد ملامح ومعالم المدنية وتلاشت منها عجلة الحياة وينسحب من تحتها البساط رويدا رويدا والجميع منشغل في الصراع والنزاع بينما هناك ملفات ومياه راكدة يجب تحركها أن أرادت المحافظة الحياة والعودة الى الواجهة ويجب التطرق لها وفتح أبوابها وفصول محتواها لا أنها لا تحمل التأخير وهي من أولويات ومقومات وأسس التكوين ولا تفريط فيها .
عاشت عدن طيلة ثلاث سنوات حالة من التغيب عن المشهد السياسي والاقتصادي وبقية رهينة لنزاع عقيم واطماع لا تنتهي ولا إصلاح واعمار وتنمية وحياة ومعيشية تنتشل العامة والشارع مما آل إليه وصل الى ذروة الإنفجار بين لحظة واخرى .
في محافظة عدن كرسي المحافظ في حكم المجهول وقد تحل هذا النقطة وهذا الملف كثير من الأمور كونها تعاني من فراغ إداري وقيادة محنكة تدير دفة المحافظة وترسي بها إلى بر الأمن والأمان .
في عدن تصادم وتنافر وتصادم بين القوى ’ في عدن منافذ تخضع خارج إطار ومحيط المحافظة, في عدن مرتبات تحولت الى إعانة سنوية وفصليه , في عدن كهرباء تشكل عائق ومشكلة في صيف حار وساخن , في عدن خراب ودمار يحتاج إلى اعمار وعجله تنمية متوقفة .
عدن أحلام سرقت وتلاشت بين سراب الساسة واطماع الأجندات وتحولت إلى كابوس يقلق مضاجع المدينة الهادئة ويحرمها حلوة التغيير ويطبق على انفاس الحياة فيها .
عدن الغد