الشرفاء .. لا مكان لهم في وطني
بقلم / احمد سعيد كرامة
سمعت هذه الكلمات التي أختزلت واقعنا اليمني من شاب عشريني كان يقولها لرجل أربعيني رافض لهذا الوضع المزري وحزين مما يجري ، قال له يا عم مشكلتك أنك تريد أن تعيش شريف ونزيه ووطني في زمن أصبح فيه الشرف و الأمانة والنزاهة والوطنية من دروس التأريخ وأساطير الأولين .
فرد ذلك الأربعيني لذلك الشاب بأنه لازال يوجد بعض الشرفاء في وطني ولن ينقرضوا حتى يرث الله الأرض ومن عليها ، صحيح أنهم يعانون من ضيق عيش ويصارعون لكي يعيشوا مستوري الحال في زمن صار يأكل الأخ أخاه و الإبن أباه , وصار الشجاع يوصف بالمتهور والبلطجي بالشجاع , والمحترم بالساذج والوقح بالجريء , والكذاب بالبطل , والخائن مؤتمن , والأمين خائن ومندس وعميل .
وصارت السرقة شطارة والرشوة مكافأة أو حافز مالي ويتفاخرون أمام الملأ بذلك , ولا ضير أن يذهبوا بعد ذلك للمسجد أو تراهم بالجامع فهم قد شرعنوا الفساد بأنه ذكاء وثراء ولا إثم على ذلك , وسرقة المال العام جائزة لأنهم هم العام والعامة .
و صرنا ننظر إلى كثير من التجار الجشعين والمسؤولين الفاسدين و كلنا يأس من تغيير واقع أليم , يعيش فيه الفاسدون والفاشلون بكل حرية وأمان , فهم القانون وهم الدستور وهم السلطة التنفيذية وجميع السلطات , ومن يعارضهم أو يقف بطريقهم فمصيره السجن أو يقال عليه فلان قد قتل أو مات .
ولسان حال هذا الشعب الفقير والمغلوب على أمره دائما يقول لهم , ألا تشبعون ألا تخافون من الله ومن الموت المحتوم , والقبر الموحش المظلم , ومن يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون ، ألا ترحمون شعب ضحى كثيرا من أجل غد مشرق , فكنتم سببا في غده المحرق , ألا تبصرون لحال إخوانكم في الدين و النسب و الوطن .
غرباء نحن في هذا الوطن , غرباء في آخر الزمن , إذا أردت أن تعيش ياعم فقد تغيرت قوانين الحياة في وطني , وإذا لم تستطيع أن تستوعب أو أن تواكب ذلك التغيير و تجاريه فأبحث لك عن وطن أخر ياعم .
اليوم البقاء للأقوى للأفسد للخائن للمرتشي للبلطجي يا عم , أنصحك ياعم بأن تدخل في سبات شتوي طويل لعلك تصحى بعد ذلك لترى جيل أخر وطني في وطني .
اليوم قبل أن تخرج من منزلك ياعم قل لضميرك إبقى على الفراش و نام حتى أعود ، ففي الخارج أناس كثيرون قد ماتت ضمائرهم وقست قلوبهم و تسيدت غرائزهم الحيوانية ولم يعودوا كما كنت تتصورهم بشر أسوياء ورحماء ياعم .
إننا نعيش في زمن حكم الحقير ، فلا تستغرب ياعم عندما يضرب ويشتم الصغير الكبير , أو يظلم الكبير الصغير ، لا تستغرب ياعم عندما يصبح الجاهل والفاسد و البلطجي مدير أو سفير أو وزير , والمتعلم النزيه عاطل عن العمل أو عسكري أو غفير .
أقولها لك ياعم وبكل صراحة وألم وقلب يقطر دم , وعيون شاردة ساهرة وحزينة ولم تنم , الوطن أصبح في وضع خطير ياعم .