صحيفة إيطالية: أي “لعبة قذرة” يلعبها ماكرون وابن سلمان؟
المشهد الجنوبي الأول \
نشرت صحيفة “لي أوكي ديلا غويرا” الإيطالية، تقريرا سلطت من خلاله الضوء على التقارب الفرنسي السعودي، على خلفية الزيارة التي أداها ولي العهد السعودي مؤخرا إلى باريس.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″، إن الشرق الأوسط، فضلا عن قارة أفريقيا، باتا على رأس أجندة السياسة الخارجية للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون.
ومن المثير للاهتمام أن الرئيس الفرنسي أدان مؤخرا السياسة التي يتبناها بشار الأسد في سوريا، إلا أنه استضاف، لمدة ثلاثة أيام في قصر الإليزيه، ولي العهد السعودي الذي قالت عنه الصحيفة إنه “متورط في ارتكاب جرائم في حق الشعب اليمني”.
وأكدت الصحيفة أن “ابن سلمان يسعى من وراء الزيارة إلى تبيين ملامح استراتيجية فرنسا في الشرق الأوسط”، مضيفة: “تدرك السعودية جيدا أن باريس تمثل قوة إقليمية، وشريكا تجاريا مهما، فضلا عن أنها حليف دبلوماسي قوي، وهو ما يدفع بابن سلمان إلى تعزيز العلاقات مع فرنسا”.
وأورد معد تقرير الصحيفة، أندريا موراتور، أن “الفترة الأخيرة عرفت تشابها في المواقف السياسية لكل من فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية إزاء ما يحدث في الشرق الأوسط”.
وأضاف أنه “في الأثناء، أصبحت فرنسا، في عهد ماكرون، تمتلك قدرة أفضل على تحليل الوضع السياسي في المنطقة، علما بأن الرئيس الفرنسي يعتمد على سياسة الكيل بمكيالين، التي اتبعها الغرب منذ القدم عند تعامله مع قضايا الشرق الأوسط”.
وأضافت الصحيفة أن “ابن سلمان يسير على خطى الدبلوماسي الإيطالي، نيكولو مكيافيلي، وذلك من خلال توظيفه للمكر والخداع في سياسته الخارجية”.
وأوضح أن “سياسة ولي العهد السعودي هذه تتجلى خاصة في الزيارات الدولية التي يؤديها والمؤتمرات التي يشارك فيها خارج المملكة”.
وبحسب الصحيفة، يرى الغرب في المملكة العربية السعودية حليفا استراتيجيا مهما، حيث سعى ماكرون خلال زيارة ولي العهد السعودي إلى باريس إلى تعزيز تحالفه مع المملكة. ويمكن الجزم بأن لكل من ولي العهد السعودي والرئيس الفرنسي وجهات نظر سياسية متشابهة ترتكز على المبادئ ذاتها”.
وبينت الصحيفة أنه في خضم الزيارة الرسمية لولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان إلى باريس، بلغت قيمة الاتفاقيات الاقتصادية بين الشركات الفرنسية والسعودية أكثر من 18 مليار دولار، مع العلم أن فرنسا تلعب دورا ضمن مشروع ابن سلمان “رؤية 2030”.
وانعقدت محادثات بين الشركات الفرنسية والسعودية بشأن إبرام مذكرات تفاهم في مجال السياحة والثقافة والصحة والبتروكيماويات والزراعة والصناعة التحويلية.
وبحسب قناة الجزيرة، سيوقع ماكرون رسميا في أواخر سنة 2018، على هذه المذكرات، وذلك في إطار زيارة سيؤديها إلى الرياض.
الجدير بالذكر، أن هذه المذكرات تعد بمثابة تتمة لجملة من الصفقات تبلغ قيمتها المليارات، أبرمت بين فرنسا والسعودية في مجال الأسلحة، حيث تعد باريس مزودا هاما للجيش السعودي في الحرب التي يشنها ضد اليمن.
وبحسب استطلاع رأي أجرته شركة “يوجوف”، أعرب ثلاثة أرباع المواطنين الفرنسيين عن تأييدهم لإيقاف مبيعات الأسلحة الفرنسية للسعودية. ويعزى ذلك للجرائم التي ارتكبتها المملكة في اليمن، حيث بلغ عدد القتلى حوالي 10 ألاف شخص.
وأقرت الصحيفة أن ماكرون لن يتراجع عن تزويد السعودية بالأسلحة. وبحسب تصريح سابق له بخصوص الملف اليمني، أكد ماكرون أن أمن المملكة العربية السعودية على رأس أولوياته، في حين أدان الهجمات التي يشنها الحوثيون ضد الرياض.
إلى جانب ذلك، أكد ماكرون أن فرنسا تسعى إلى إيجاد حل سياسي لإنهاء النزاع في اليمن. ويثير هذا الموقف جملة من التساؤلات حول السبب الذي يدفع الرئيس الفرنسي إلى دعم ابن سلمان الذي تسبب في كارثة إنسانية في اليمن، وفي الآن ذاته يعمل على محاربة الأسد في سوريا.
وأفادت الصحيفة بأن الرياض ستدعم حلفاءها الغربيين في سوريا. وبحسب تصريح أخير له في “مؤتمر مشترك”، أكد ولي العهد السعودي أن بلاده ستنضم عسكريا إلى كل من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا فيما يتعلق بالتدخل في سوريا، إن احتاج الأمر لذلك.
وقالت الصحيفة: “يخطط ماكرون في قصر الإليزيه رفقة ولي العهد السعودي في الوقت الراهن إلى وضع أسس لعبة ماكرة تخدم مصالحهما”.
وأوضحت أنه “في حين تسعى فرنسا إلى استعادة مجدها، حيث كانت قوة إمبريالية عظمى، يرنو ابن سلمان إلى أن يسوق لصورة مختلفة عن المملكة، على اعتبارها دولة حديثة عصرية”.
وختمت الصحيفة بالتأكيد على ما أوردته مسبقا من أن “كلا من ابن سلمان وماكرون ينتهجان سياسة الكيل بالمكيالين في الشرق الأوسط لتعزيز مصالحهما الخاصة”.