رمضان .. بين الألم والأشد إيلاماً
بقلم /فهد البرشاء
مؤلمٌ جدا أن نعيش أيام شهر رمضان المبارك ونحن نفتقر لأبسط مقومات الحياة, ونعاني من ضنك الحياة وقسوتها, ومن تجاهل قاتل من قبل حكومة (المنبطحين), مؤلمٌ جدا أن تحكم الأزمة وثاقها حول أعناقنا وأن يبسط النافذون سيطرتهم على كل شيء ويتحكموا بمصالحنا وحياتنا وبكل صغيرة وكبيرة..
مؤلمٌ جدا أن نعيش هذه الأيام وقد عاث الفاسدون والنافذون فينا فساداً, وحرمونا من كل شيء, حتى بات أمر حصولنا على مقومات الحياة وبلوغنا أياها أمراً محال وحلم يرقد في جنبات المستحيل واللامعقول..
ولكن لن يكون ذلك أشد إيلاما مما مضى ومن شهر رمضان للعام الماضي, حينما كان وطننا يرزح تحت وطأة الأحتلال الحوثعفاشي, يقتلون أبناءه, ويدمرون مساكنه, ويدكون مصالحه, ويبيدون كل شيء فيه بهمجية وحيوانية وعدائية (فجة) ومقيته..
لن يكون حالنا أسوء مما مضى , حينما دلفت أيام شهر رمضان الماضي ونحن نعاقر المآسي والأوجاع والأحزان والنزوح, بل ونبحث عن جدران تحوينا, وسماء تضلنا, وأرضاً تُقلنا, بعد أن توغل الغزاة في وطننا ومارسوا ثقافة التدمير والتنكيل وسياسة القتل بدمِ باردٍ وبحيوانية ونذالة لم نعهدها..
فلنتذكر حالنا قبل عامٌ من الآن, فلم تجمعنا موائد الأفطار, ولم تحوينا جدران منازلنا, ولم يلملم شهر رمضان شملنا, كنا ننام ونصحوا, ونصوم ونُفطر على وقع أصوات المدافع والقذائف والرصاص, كنا نتوجس الموت ونترقب تلك اللحظات التي تباغتنا فيه قذائف الموت, وأنفاسه التي كانت تجوس خلال الديار ونسمعها تلهث راكضة خلفنا..
تذكروا تماما ساعات وأيام شهر رمضان الماضي, حينما كان الخوف يستعمرنا ويسكن دواخلنا, وحينما كان النزوح ومرارته تغرز خناجرها في صدورنا, تذكروا أننا فقدنا أهلونا وذوينا وأقاربنا وأصدقائنا, بل كدنا أن نفقد وطناً باكمله..
فلنعد بذاكرتنا وشريطها (الموجع) إلى الخلف قليلاً, ولنقف على محطات تلك الأيام المبكية, وكيف تكدرت حياتنا وتعكر صفوها وضاقت بنا أنفسنا, وضقنا بكل شيء , وكيف كنا نستجدي لحظة أمان وسكينة, ونبحث عن شربة ماء باردة تطفئ ضمائنا, ونسائم هواء عليلة تلطف أجوائنا, وجدران متهالكة تستر عورتنا وتحتوي أطفالنا ونسائنا..
لأداعي لأن نندب حظنا ونبكيه, فنحن بفضل الله تعالى في حال أفضل مما كنا عليه, والمنا ليس أشد إيلاما مما مضى, فلنحمد الله أن بلغنا رمضان آمنين مطمئنين, نسكن وطننا ويسكننا, وتجمعنا وأهلونا منازلنا ومدننا وأسواقنا وشوارعنا, لن ننكر أننا نعاني ونتوجع, ولكن لن يكون ذلك (معشار) تلك الأيام البائسة المؤلمة الموحشة التي عشناها..