فتاة تهز “عرش” السعودية بـ10 كلمات فقط!!
المشهد الجنوبي الأول \
(فلسطينية تهاجم الخليج (الفارسي)) ، هي ليست حنان عشراوي، ولا ليلى خالد ، ولا فاطمة برناوي ، ولا أمينة دحبور ، ولا عهد التميمي ، هي ليست قامة نضالية مشهودة أو إسماً سياسياً معروفا أو وجهاً إجتماعياً مألوفاً ، هي مجرد فتاة (قيل أنها فلسطينية) من العامّـة ، تبدو من مظهرها في سن المراهقة شكلاً ولساناً كما رأيناها وسمعناها في مشهد الدقيقتين اللتين قلبتا السعودية رأساً على عقب واستدعيتا الجيش الإلكتروني السعودي بكل صنوفه للذود عن حياض الوطن ! .
مشهدها القصير الذي إنتشر بالأمس كالنار في الهشيم على كامل الخارطة السعودية التويترية ليتصدر موضوعه الهاشتاجات العالمية ، لا يتعدى في مضمونه مناكفات المماحكات الطفولية ، ولا يخرج من إطار المشاغبات التويترية بين الصغار ، فبلغة ضعيفة تعكس ثقافتها المتواضعة ومرحلتها العُمرية الأقرب إلى المراهقة تحدثت هذه الفتاة عن معاناتها كمقيمة مع عائلتها في السعودية، وهي معاناة لا يمكن إنكار صدقية بعضها قدر تعلق الأمر بالقوانين الصارمة التي تحكم العمالة الأجنبية لا في السعودية فحسب ولكن في الكثير من بلدان العالم ، وبكلمات مباشرة تنقصها اللياقة أخذت الفتاة على أنظمة خليجية ما أسمته (تغذية شعوبها) على انتهاج العنصرية بحق الجاليات الأجنبية، وبالمختصر لم تكن رسالتها الفيديوية موفقة سواء لجهة الإطار أو المحتوى، لكنها كانت أكثر من موفقة لجهة الكشف عن مخزون الكراهية الذي يعتمر قلوب الألوف المؤلفة من ألوية التويتريين السعوديين الذين توحدوا في خندق الدفاع الوطني ضد (العدوان الفلسطيني)! .
فبعشرات الآلاف من الجنود الصناديد المتجحفلين في الحرب السعودية التويترية المقدسة على (العدو الفلسطيني الغاشم) رأينا العجب العجاب من شتى أشكال وأصداء الخطاب الشعبوي المتخم بالعنصرية المتمادية ، ولمن يريد أن يكتب مبحثاً شافياً وافياً عن ماهية هذا الخطاب الفج فليتوقف عند هاشتاج (#فلسطينية_تهاجم _الخليج (الفارسي)) لينهل منه كل ما يحتاجه من أدوات وأصول وفصول معرفية عديدة تكفل له تأليف مرجع علمي أكاديمي رصين يعود إليه الدراسون للظواهر الشعبوية ذات الطبيعة العنصرية .
نعم ، بدقيقتين من اللغو الإنفعالي على لسان مراهقة فلسطينية هامشية من عامّة الناس تزلزلَ العالم الإفتراضي السعودي برمته، وأعلن القائمون عليه النفير العام ، فانبرى الجميع التويتري، مثقفون وشوارعيون، أكاديميون وتلاميذ وأشباه أميون، قادة رأي وهامشيون، أعيان وعوام، كلهم سواء بسواء إنبروا فرساناً للدفاع عن الشرف السعودي الوطني الرفيع الذي تجرأت عليه (لاجئة فلسطينية باعت أرضها لليهود) كما يصفها سوادهم الأعظم، وكما لو أنهم ينتظرونها فرصة للتنفيس عن أنفسهم من فرط التخمة الشعبوية التي إكتسحتهم كالجائحة المُعدية فقد إنهالوا على الشعب الفلسطيني طعناً وتجريحاً بكل ما أوتوا من قبيح اللغة وشنيع البيان ، وهنا لا حاجة بنا للتساؤل عمن يقف وراء هذه الجائحة الشعبوية العنصرية التي يُراد لها أن تعمّ بلاد الحرمين الشريفين، إذ يكفي للمراقب أن يتصفح المواقع الألكترونية العائدة لوجوه نخبوية سعودية بعينها، من سياسية وإعلامية، ليقف عند الحقيقة المفزعة التي أدت إلى ما تشهده بلادهم من هذا المد الشعبوي الجارف ، المثقل بالملوثات العنصرية، المتعالي، المتكابر، المتحامل على (الآخر) ، المتنمّر عليه بمخالب الشوفينية المتغطرسة، ولن يكون (الآخر) هنا سوى من يرى فيه الأرباب النخبويون السعوديون هدفاً (سهلا ومتاحاً) يبرزون عليه عضلاتهم المتضخمة بالمنشطات الشعبوية فيفتعلون من خلاله معركة إفتراضية يستدعي إنتصارهم الإفتراضي فيها جيشاً شعبوياً يتوحد خلفهم، وهذا بالضبط ما يتوافر في (الشقيق اللدود) الفلسطيني، وإن لم يكن فالقطري، وإن لم يكن فاليمني، فهؤلاء من الأقربين المُتاحين الأولى بالمحبة السعودية الغاشم، تلك التي تجلت بأبشع صورها في الهاشتاج المشبع بالكراهية العنصرية القميئة (فلسطينية تهاجم الخليج (الفارسي)) .