سجال جديد متجدد اثار جدلا ونقاشا مفتوحا لكل الاحتمالات والاعتبارات ,تخوض غماره اطرف فاعله كثيره في الساحة الجنوبية كان اخرها الاتهامات الخطيرة الذي اطلقها ,نائب الرئيس السابق ورئيس الوزراء خالد بحاح ,وجاء فيها “ان حكومة الشرعية نهبت ما قيمته سبعمائة مليون دولار من نفط المسيلة بحضرموت ,واضاف بحاح ان الحكومة نهبت ايضا اربعمائة مليار ريال يمني ,مؤكدا بان اتهامه موثق “.
هذا الاتهام على درجه عالية من الخطورة لكونه يصدر من شخص تربع في اعلى دوائر القرار السياسي بحكم الموقع الذي شغله في مراحل سابقه ,وفي واقع الحال لايختلف احدا في الجنوب ,وخاصه من البسطاء منه ,البعيدين عن مراكز النفوذ المتحكمين بالسلطة وبالثروة ,بان ما اورده النائب السابق بحاح هو عين الحقيقة ,ربما هو اقل من الحقيقة ,لان مستوى الفساد الذي نعيشه بسبب سياسات الشرعية ,هو اكبر واعمق من ان يكتشف اوان يختزل ببعض تغريدات صغيره ,,لان الفساد الحالي اصبح مؤسسة مستقله بذاتها ,وورم خبيث في مراحله الاخيره ,ينهش في جسم المجتمع الجنوبي ,يفتك بأبنائه ,ويفكك بنيانه ,وهذا ليس بغريب على ثقافه الشرعية الذي توارثته من العهد العفاشي البغيض ,الذي لايزال نظامه ,رغم زواله الظاهري ,الا انه بقي ساري المفعول ,نتيجة شبكه العلاقات والمصالح المافويه ,المتداخلة بين اطرافها .
ان الاتهامات الذي قدمها بحاح ,تأتي ,بعد اشتداد وتيره السجالات المحتدمة في الجنوب ,على خلفيه تحركات رئيس الحكومة بن دغر ,وتصريحاته ,الذي استفزت الراي العام الجنوبي ,وتسببت بغضب وسخط عارمين .لكنها القت بضلالها على المشهد الجنوبي برمته ,ليطرح معها التساؤل الكبير ,ترى ما الذي يحدث في الجنوب ؟وماهي اسبابه ؟الظاهر منها والباطن ؟وبين هذه الأسئلة وغيرها ,يبحث المواطن الجنوبي لها عن اجابات شافيه تروي عطشه المعرفي والسياسي ,ليس من باب الترف ,لانها باتت جزء من واقعه اليومي ,الذي يبحث فيها عن مستقبله بعد ان كاد يفقد حاضره الذي تسبب في ضياع ماضيه ,بفعل سنوات الاحتلال الشاذة .
لا يختلف اثنان في الجنوب ,من ان ثمة امور وتطورات تحدث في واقعنا اليومي المأساوي ,دون ان نجد لها تفسير واضح ومنطقي , تدفعنا ,ومن زاويه الفضول الصحفي ,محاوله تفكيك شفراتها والغازها الكثيرة والمحيرة ,وان بدت مهمه مستعصية ,نظرا لغياب الشفافية في سرد الوقائع والمعطيات ,الذي ستساعدنا في سبر اغوارها العميقة ,ومن اهمها .
ما سر هذا التحرك النشط لرئيس الوزراء بن دغر في هذا التوقيت ؟وما موقف دول التحالف منه ولاسيما الامارات باعتبارها المشرف المباشر على ملف الجنوب ؟وهل تحركات بن دغر ,تتم بمباركه إماراتية ,؟ما سر الظهور المفاجئ للنائب السابق بحاح ,وهجومه اللاذع على الشرعية بعد غياب طويل ؟ونفس السؤال نكرره هل مواقف بحاح المحسوب على الامارات تمت بعلمها ام بمبادرة ذاتية منه ؟ما سر غياب قيادات المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي ونائبه بن بريك ؟وهل عودتهم المرتقبة الى العاصمة عدن للمشاركة في فعاليات ذكرى14 ثوره اكتوبر ,هي دائمه ؟ام موسمية للمشاركة في الاحتفالية ,ومن ثم العودة مجددا الى العاصمة الإماراتية للإقامة هناك ؟ولعل السؤال الذي يراود الجنوبيين اليوم ,لماذا قادت المجلس الانتقالي ,تفضل الإقامة في ابوظبي بدل من ان تكون الى جانب شعبها وجمهورها ,الذي فوضها لقياداته نحو الاهداف الوطنية النبيلة ؟وهل اقامتهم في الخارج اختياريه ام قهريه ؟ وايا تكن الإجابة ,سنتبعها بسؤال طبيعي اخر ,لماذا الإقامة اصلا في الخارج في وقت يكون فيه الجنوب احوج ما يكون من اي وقت مضى لقياداته التاريخية والوطنية ؟وما بين تلك الأسئلة هناك السؤال الكبير والمركزي الذي يدور في خلد كل جنوبي على اختلاف انتماءاتهم وتكويناتهم .الى متى سيتسمر هذا الوضع المزري ؟وهل من نهاية له ؟متى سينعم المواطن الجنوبي بحياة طبيعية مثل باقي خلق الله من البشر ؟متى ستتوفر ظروف اقتصاديه واجتماعيه تليق بحياة الانسان وتطلعاته المشروعة والمكفولة دستورا وقانونا .
اننا ندرك ادراكا يقينيا بانه ,لا يمكن الإجابة على جميع هذه التساؤلات وغيرها ,دون تحديد المسالة الحاسمة والمتعلقة بمستقبل الجنوب ,بمعنى اي جنوب نريد ؟ماهو الجنوب الذي نريده ؟وماهو الجنوب الذي يريدون فرضه على شعبه رغم عن ارادته ؟
ومن هنا يرتسم في المشهد الجنوبي ,مشروعان سياسيان كبيران ,بات من الممكن رؤيته بالعين المجردة ودون الحاجه الى ميكرسكوب .يمكن اختزالهما بتصريحات القطبان الكبيران اللذان تحركا مؤخرا بن دغر وبحاح ,كلا منهما يقف على طرفي نفيض للأخر ,له فلسفته ورؤيته وتصوره لمستقبل الجنوب ,.بن دغر يرى الجنوب في نطاق ما يسميه باليمن الاتحادي وهو مستعد لهذه الغاية توحيد ما اسماها بالوحدات المناطقية بالجيش الوطني من ابناء المناطق المحررة ,وهو بذلك ان حصل لا سمح الله ,ان ينسف كل المجهود الجنوبي وبرعاية إماراتية والذي اشرفت على تأسيس القوات والتشكيلات العسكرية والأمنية ومن ابرزها الحزام الامني والنخبة الحضرمية والنخبة الشبوانية وغيرها ,كل هذه الوحدات يريد رئيس الوزراء التضحية بها ,ليدمجها مع القوات الشمالية الكثيرة العدد والعتاد ,والمعروفة بعدائها لقضيه وشعب الجنوب .
المشروع الاخر ,وعلى راسه المجلس الانتقالي ,والذي انحاز اليه بحاح ,والذي يرى الجنوب كيان وهويه وطنيه مستقله بعيد عن الشمال ,,وان اي صيغه مستقبليه للحل ينبغي لها مراعاه هذه الحقيقة الغير قابله للنقاش .
وبين هذان المشروعان تقف دول التحالف ,الامارات والسعودية ,بمواقف غامضه ملتبسة غير واضحه ,ربما تحاول التوفيق بينهما ,او في الحد الادنى رسم السقف السياسي للاطراف الجنوبية المتصارعة ,الذي ومهما بلغت حده التناقضات فيما بينها ,الا انها تظل محكومة به ,باشراف التحالف ورعايته ,يكون بمثابه خط احمر ممنوع على الاطراف الجنوبية تجاوزه ,بمعنى اخر ان دول التحالف قد رسمت وحددت سلفا قواعد اللعبة والاشتباك للاعبون على الساحة الجنوبية بحيث ان لا يبلغ مداها وهو الانفجار العسكري ,.
ان السياسة المتبعة للتوفيق بين القوى الفاعلة في الجنوب الذي ينتهجها التحالف ,لن تصمد طويلا ,لان الصراع بينها لم يعد خلاف سياسي يمكن احتوائه بتقاسم الكعكة الجنوبية ,الخلاف ابعد من ذلك بكثير ,الخلاف على النظرة الى مستقبل الجنوب ,بين من يريد ابقائه مع الشمال ,بصيغ وحيل مختلفة ,ظاهرها ما يسمى بالأقاليم السته ,بينما جوهره العودة بالجنوب مجددا الى بيت الطاعة الصنعاني .وهذه الاطراف باتت معروفه ومكشوفه ,وهي تفصح عن نفسها عبر مواقفها وتحركاتها .
وبين من يرى الجنوب هويه وكيان مستقل يتطلع الى الحرية واستعاده الدولة المسلوبة وهذا التيار مكوناته معروفه يمثلها المجلس الانتقالي ,ومعهم كل المتعاطفين والمنحازين الى مشروعه ومنهم النائب السابق بحاح وغيرها من القيادات الجنوبية الفاعلة .
ان هذه الوضعية يستحيل لها ان تستمر ,لان في استمراريتها ستعود بالكوارث على الجميع ,سيما بعد ان حسمت صنعاء امرها الذي اقام فيها الحوثي دولته لخدمه مشرعه الكبير ,,وهو ما لبث ان يتمدد ويتوسع ,ويتربص بالجنوب حيث الارض, والثروة والموقع الجيو استراتيجي .
هذا المعطى ينبغي له ان يدفع دول التحالف للتخلي عن هذه الازدواجية في التعامل مع المسالة الجنوبية .
فمثلما الشمال قد حدد خياراته .فالجنوب ايضا قد رسم طريقه ,عبر تضحيات دماء شهدائه ,جسدها العلم الجنوبي الذي يوحدنا ويجمعنا ,تحت رايته ,الشامخة وهنا مكمن الافتراق والاختلاف بين الرؤيتين ,بين من يرى الجنوب بعلمه الوطني التاريخي ,الذي دشن مسيرته الحراك الجنوبي المبارك ,وبين من يطمح الى رفع علم اليمن علم الوحدة الغادرة ,العلم الذي تمت استباحه الجنوب باسمه ,واقيم على ارضه اسواء احتلال همجي قبلي عرفه التاريخ المعاصر .
على دول التحالف تحديد خياراتها مع اي علم تريد رفعه على السماء الجنوبية ؟
لا وقت للتأخير ,لا وقت للمساومة .
لقد انطلق قطار التسويات في المنطقه ,,او مابات يعرف بصفقه القرن ,الامر الذي يتطلب منكم تحديد خياراتكم السياسيه في جنوبنا المنكوب .
عليكم احترام خيارات شعب الجنوب ووتطلعاته المشروعه ,ففي ذلك مصلحه استراتيجيه لكم قبل فوات الاوان في ضؤ تطورات المنطقه ,بعد فشل المشروع الامريكي ,في ماسمي بالربيع العربي ,الذي كان يهدف الى تغيير انظمه الحكم ,واستبدالها باخرى تابعه لتيار الاسلام السياسي ,بقياده تركيه قطريه ,كانت داعش واخواتها الاداه الفاعله لتنفيذ هذا المشروع لرسم خرائط الدم والجغرافيا والتاريخ .
ان هامش المناوره يضيق امامكم ,لان عامل الزمن لم يعد يسير في مصلحتكم ,نتيجه تطورات المنطقه الاستراتيجيه والتكتيكيه .,,فالصوره على ارض الجنوب باتت واضحه ,ولالبس فيها ,يخترلها مشروعان ومدرستان متوازيتنان ,لايمكن الجمع بينهما ,تجسدها وتعكسها هويتان متضادتان ,احدها ترفع علم اليمن والوحده والجمهوريه وتؤمن به ,وتقاتل من اجل فرضه على شعب الجنوب ,فهو طريقها وسبيلها الى المستقبل ..
والاخرى ترفع علم الجنوب في كل مكان من ارضه ,لانه ببساطه عنوان ماضيها وحاضرها ومستقبلها
وايا تكن الوجهه والسيناريو القادم لمسار الاحداث ,فهو لم ولن يغير من الحقائق الذي تكرست على ارض الواقع ,افرزتها عاصفه الحزم وومن اهمها وابرزها ان صنعاء لم تعد كما كانت قبل العام 2015 كما يحلم بذلك كثيرين في الشرعيه ,صنعاء غدت حوثيه خالصه بعد ان جرفت والى الابد نظام ال الاحمر العفاشي الحاشدي السنحاني .ويقابلها حقيقه اخرى وهي ان الجنوب وعاصمته عروسه البحر عدن ,لم ولن تكون كما كانت قبل انطلاق العاصفه وكما يتمنى الكثيرين من اطراف الشرعيه بجناحيها الجنوبي والشمالي .الجنوب اصبح حرا طليقا ,يتنفس ويستنشق هواء ونسمات الحريه ,الذي لطالما افتقدها خلال زمن الاحتلال البغيض وعلى جميع القوى الفاعله والمؤثره في المشهد المحلي والاقليمي والعالمي ,عليها استيعاب هذه الحقائق والوقائع ,لانه الطريق الانسب والاقصر والايسر والافضل للجميع ,في الشمال والجنوب ووفي المنطقه ..”اللهم اني قد بلغت ,اللهم فاشهد “.