بن دغر يستأنف تكريس سياسة «الإبتلاع السلس» لذهب حضرموت الأسود ويبيع الكلام لأبناء المحافظة
Share
المشهد الجنوبي الأول/العربي الجديد
بعد تمكنه من الإطاحة بعدوه اللدود، اللواء أحمد بن بريك، محافظ حضرموت السابق، ونجاحه في استبدال شخصيته «المشاكسة»، بشخصية المحافظ الجديد اللواء فرج البحسني، الأكثر هدوءاً ومرونة وموالاة لـ«الشرعية»، يعود رئيس وزراء حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، أحمد عبيد بن دغر، أدراجه مرة أخرى إلى محافظة حضرموت، لاستئناف تكريس سياسة «الإبتلاع السلس» لذهب حضرموت الأسود، نفط المسيلة الخام، الذي تمتلئ به خزانات ميناء الضبة النفطي في مدينة الشحر كل 3 أشهر، والذي تعتزم حكومة هادي تصدير الشحنة الخامسة منه لرفد خزينتها الخالية.
«لاءات» بن بريك
الزيارة التي تستغرق 5 أيام، والتي لن تصطدم هذه المرة بـ«لاءات» بن بريك، ولا بمطالباته المستمرة بحصة المحافظة من عائدات النفط الخام، استهلها بن دغر برسائل تطمينية لمواطني المحافظة عن نجاح الحكومة في التغلب على أزمة السيولة النقدية وصرف الرواتب والمعاشات في المحافظة، علاوة على توفير كميات كبيرة من المشتقات النفطية لإنهاء معاناة الأهالي من أزمة المشتقات الخانقة.
وسيتخل الزيارة وضع حجر الأساس للعديد من مشاريع الطرقات، إضافة إلى مناقشة مشروع إنشاء محطات كهربائية في ساحل حضرموت لدعم كهرباء الساحل، والتمهيد لافتتاح المحطة الغازية من بترومسيلة لتعزيز الكهرباء في الوادي.
وعلى الرغم من تلك الرسائل التطمينية، إلا أن كثيراً من أبناء حضرموت لا يكترثون بها، ويصفونها برسائل التخدير التي دأبت الحكومة على الترويج لها من باب الإستهلاك الإعلامي لا أكثر، قياساً على تعامل رئيس وزراء هادي مع أزمة الكهرباء في عدن، عندما وعد أهالي المدينة بأن «صيف هذا العام سيكون بارداً»، وهو الوعد المشهور الذي جاء على العكس تماماً، وأصبح مثاراً للسخرية على مواقع التواصل الإجتماعي.
ردود فعل
وأثارت زيارة بن دغر إلى حضرموت ردود فعل غاضبة على مستوى الشارع والمكونات والنخب السياسية، حيث دعا الحراك الجنوبي في مدينة المكلا، الثلاثاء، أنصاره إلى الخروج في تظاهرات رافضة لزيارة رئيس الحكومة الذي وصل المدينة بمعية عدد من وزراء حكومته.
وفي بيان صادر عنه، تلقى «العربي» نسخة منه، قال الحراك الجنوبي إن «إصرار رئيس الحكومة على إعلان حضرموت إقليماً مستقلاً في إطار دولة اليمن، يعد مخالفاً لمطالب شعب الجنوب العربي المطالب باستقلال الجنوب».
إلى ذلك، أكد ناشطون في الحراك الجنوبي أن حكومة هادي «تقف خلف تأزيم الوضع في حضرموت والجنوب»، وفق ما جاء في تصريحات وزير خارجيتها، عبد الملك المخلافي، الذي كشف عن تعمد الحكومة «تعطيل تطبيع الحياة بالجنوب خوفاً من الإنفصال».
وفي سياق متصل، يرى مراقبون أن رئيس حكومة هادي يركز على الترويج لمسألتي الدستور وإقليم حضرموت، في تصريحاته الصحفية، واجتماعاته الخاصة، في حين أن المحافظة لم تحصل على حصتها من صفقة بيع 4 ملايين برميل من النفط الخام لصالح شركة «جلينكور» السويسرية، والتي أعلنتها حكومة «الشرعية» نهاية العام 2016م ، بسعر 43 دولاراً للبرميل، وبقيمة إجمالية بلغت 42 مليار ريال يمني.
بيع الكلام
وبهذا الصدد، قال عضو هيئة رئاسة «المجلس الإنتقالي الجنوبي»، علي عبد الله الكثيري، إن من الواضح أن رئيس الحكومة اليمنية قد «جاء إلى حضرموت ليبيع لأهلها كلاماً، وليضع يد حكومته على شحنة جديدة من نفط حضرموت الخام». وأضاف الكثيري: «نقولها بملء الفم له ولغيره، حضرموت في حاجة لعائدات ثرواتها النفطية، وحضرموت اليوم ليست حضرموت الأمس، ولهذا فإننا ندعو الأشقاء في دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة للتدخل العاجل لإيقاف عبث الحكومة اليمنية بثروات حضرموت النفطية، والتحرك قبل أن يفيض بأهل حضرموت الكيل».
ودعا الكثيري رئيس الحكومة إلى «الكف عن نقل عبث حكومته إلى حضرموت، وتمكين أبنائها من عائدات مواردها، وفق ما نصت عليه وثيقة مؤتمر حضرموت الجامع». وتابع: «لقد حددت وثيقة مؤتمر حضرموت الجامع التي لم يقبل بها رئيس الحكومة اليمنية وضع حضرموت وحقوقها غير القابلة للاستلاب، وهي الوثيقة التي أجمع عليها أبناء حضرموت في الداخل والخارج. وإننا إذ نؤكد على تمسكنا بما ورد في تلك الوثيقة حرفاً حرفاً، لندعو الدكتور بن دغر إلى الكف عن نقل عبث حكومته إلى حضرموت، ونطالبه بتمكين حضرموت من عائدات منفذ الوديعة الحدودي الذي رهنته حكومته لمليشيات يمنية ناهبة».
حقوق حضرموت
وفي خط مواز، دشن نشطاء على مواقع التواصل الإجتماعي وسم «#حملة_مطالبة_بحقوق_حضرموت»، طالبوا عبره بما وصفوه بـ«حقوق حضرموت المسلوبة». وقال سالم علي بن الشيخ أبو بكر، المدير الأسبق لمديرية المكلا، وأحد متزعمي الحملة، على صفحته في موقع التواصل الإجتماعي «فيس بوك»: «يا بن دغر لا تتلاعب بعواطف الحضارم، إننا لا نستجدي منك حقوقنا، بلسننتزعها شئت أنت وحكومتك أم لم تشأ».
وتابع بن الشيخ : «حضرموت اليوم ليست حضرموت الأمس، وسيتم التصعيد قانونياً ودولياً للمطالبة بحق حضرموت كاملاً غير منقوص. ولكل من أراد التواصل معنا لدعم الحملة مشاركة هشتاغ #حملة_مطالبة_بحقوق_حضرموت، وسيتم لاحقاً عرض الخطوات العملية لهذه الحملة».
«حلف حضرموت»
وفي الأثناء، ترددت أنباء عن وجود خلافات بين رئاسة وزراء حكومة هادي ورئيس «حلف حضرموت»، الوكيل الأول للمحافظة، عمرو بن حبريش، على خلفية زيارة الأول للمحافظة دون الإيفاء بالتزامات الحكومة تجاهها. وذكرت مصادر صحافية أن ابن حبريش قام باستنفار حشود قبلية مسلحة في النطاق الجغرافي الخاص بحقول النفط، بهدف منع بن دغر من زيارة المنشآت النفطية في حضرموت، في خطوة احتجاجية على تنصل الحكومة المتكرر من وعودها السابقة.
يذكر أن مدينة المكلا شهدت، مطلع نوفمبر من العام الماضي 2016م، توتراً ملحوظاً أثناء زيارة بن دغر للمدينة، أدى إلى مواجهات بين الأمن الخاص بحماية رئيس الوزراء، وعدد من النشطاء المحتجين على تواجده.