أزمة المياه في عدن

بقلم/عفيف السيد

الماء هو ثروة طبيعية يجب المحافظة عليها وتنميتها فهي صلب الحياة للإنسان وعنصر اساسي في تنمية المجتمع. وأزمة المياه هو مصطلح يشير إلى حالة الموارد المائية بحسب الطلب البشري عليها. والجوانب الرئيسة لأزمة المياه هي ندرة المياه الصالحة للإستعمال البشري وتلوث المياه. وتعد عدن من المناطق القاحلة وواحدة من أكثر مدن العالم هشاشة من ناحية أمن المياه, ويعتمد إمداد المياه إليها على المتاح من المياه الجوفية العذبة في ضواحيها وآبار دلتا تبن القريبة منها. ومنذ مطلع السبعينات أثناء فترة حكم الحزب الإشتراكي بدأت تتضاءل في المدينة موارد المياه الجوفية حتى أنه أضطر إلى جلبها من منطقة العرايس في لحج ثم من مدينة الحصن الواقعة في دلتا وادي بنا التي تبعد مسافة عشرات الكيلومترات عن عدن.
ونتيجة لتعثر وسوء إدارة المياه في عدن المتضمن التخطيط والتطوير والصيانة والتوزيع والتسعيرة والاستغلال الأمثل لموارد المدينة المائية المحدودة ضمن سياسات وقوانين محددة, وإلى نقص الإستثمار في القدرات البشرية والبنية التحتية, وبسبب الزيادة والاكتظاظ السكاني في عدن (تضاعف عدد السكان منذ العام 1967 (من 200 ألف إلى نحو 2 مليون نسمة), وكذلك إلى التوسع العمراني المفتعل, وإنتشار العشوائيات, والاستهلاك المرتفع للفرد حيث يصل 94 معدل استخدام المياه (لتر/نسمة/اليوم) في عدن مقابل 37 في تعز. ففي اقل من عقدين من الزمن نضبت المياه الصالحة للشرب من الآبار المحفورة في حوض وادي تبن بعد هبوط مناسيب المياه فيها.
و الآن بدأ الناس بالفعل يعانون بوضوح من نقص في المياه تؤثر سلبا على حياتهم، ومن المتوقع أن يصبح غير محتمل قريبا, حيث بالكاد تخدم حاليا إمدادات المياه القادمة من بئر أحمد مدينة الشيخ عثمان وضواحيها وعدن الصغرى. في حين تحصل كريتر وخورمكسر والمعلا والتواهي على حاجاتها من موارد مياه آبار حوض وادي تبن وهي غير صالحة للإستهلاك الآدمي بسبب إنخفاض مناسيب المياه الجوفية وإنتشار إستخدام البيارات للصرف الصحي في المدن الجديدة (السلام, الفيصلية, الخضراء, أرض اللحوم والرباط, وغيرهم) وفيها الكثير من الأمراض المنقولة بالماء. وحسب بيانات المنظمات الدولية فإن نصف أسرة المستشفيات في العالم يشغلها المرضى الذين يعانون من الأمراض المنقولة بالماء, وهي أحد أسباب الوفاة الرئيسية في العالم والسبب الرئيس لوفاة الأطفال دون الخامسة.
ووفقا للبنك الدولي 88 في المئة من جميع الأمراض سببها مياه غير صالحة للشرب وعدم كفاية المياه وسؤ النظافة الصحية. وإذا لم تتخذ التدابير اللازمة لتأمين مصادر مياه جديدة فإن عدن مهددة بالعطش وقد تشهد – لاقدر الله – ندرة مياه وعدم كفاية ماء الشرب وحتى دون مياه تستخدم للصرف الصحي, قد يؤثر سلبا على حياة أبنائها وتدفعهم إلى ترك منازلهم والهجرة إلى مناطق أخرى بحثاً عن الماء. في حين واقع الشيء أنه ليس هناك مكان آخر يذهبون اليه.
ولأن كمية الطاقة اللآزمة لتحويل المياه المالحة إلى مياه الشرب في الوقت الحاضر باهضة جدا, فإنه للحيلولة دون حدوث الكارثة لابد من إتباع منهج علمي ,واضح وسليم في إدارة مصادر المياه, وإتخاذ تدابير وحلول طويلة وقصيرة المدى صريحة ومستدامة, وأن تكون جذرية وحاسمة حتى إذا لم تحظى بشعبية واسعة, والحفاظ وإعادة الاستخدام للمياه في إطار إدارة متكاملة للموارد المائية. والترشيد في إستهلاك المياه هو الحل الأمثل لأزمة المياه والحد من الإجهاد المائي, ويبدأ بزيادة الوعي لدى الناس بأهمية ترشيد إستخدام المياه. وتحقيق التوازن بين السكان والموارد المائية وبقية خدمات البنى التحتية بشكل أمثل, والذي يجب أن يشمل وقف الهجرة إلى عدن والإستيطان غير العقلاني فيها, وإلغاء بؤرة الفساد وهي المنطقة الحرة المزيفة التي حولت عدن إلى بقعة جغرافية معروضة للنهب والفساد والنشاط العمراني المفتعل, ووقف توزيع الأراضي وتراخيص البناء وإن أختلفت الأسباب والدوافع, ونقل معسكرات الجيش والأمن إلى محافظات أخرى بعيدة, والتخلص من العشوائيات المرخصة وغير المرخصة في داخل المدينة والجبال والضواحي. وتشمل أيضا حلول الترشيد على نطاق واسع رفع تسعيرة المياه للإستهلك التجاري, والحرص على تأمين مخصصات المياه للاستهلاك الشخصي وليس لأغراض غبية مثل غسيل السيارات. وعمل صيانة دورية لشبكة المياه وتغيير الشبكات القديمة للتقليل من الهدر الناجم عن تسريب المياه منها, وترسيخ ممارسة مراقبة المياه الجوفية ومعاقبة المخالفين, ووقف الاستخدام المسرف للمياه او سحبها مباشرة من الآبار مجانا لأغراض تجارية, وكذا منع الحفر العشوائي والحد من الإفراط في ضخ المياه من طبقات المياه الجوفية في الضواحي الشمالية من المدينة ومن حوض دلتا تبن وبئر أحمد, والبحث عن سبل لإعادة تغذية وتطوير المصادر الشائعة وإيجاد مصادر جديدة, ووضع خطة طويلة الأمد (خطة المياه للمستقبل) لإدارة الموارد المائية لعدن.
You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com