مصير غامض لمبادرة كيري: ملف حرب اليمن بعهدة ترامب
المشهد الجنوبي الأول |متابعات
مع رحيل إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، من البيت الأبيض، تعد حرب اليمن من أبرز ملفات المنطقة العربية، التي سترثها إدارة الرئيس دونالد ترامب. ويبدو أن المقترحات والخطوط العريضة التي ارتكزت إليها الجهود الدولية لحل سلمي في اليمن، منذ أشهر، ممثلة بمبادرة وزير الخارجية الأميركي السابق، جون كيري، قد انتهت إلى مصير مجهول. والآن تتجه أنظار الأوساط اليمنية إلى توجه إدارة ترامب الغامض حتى اليوم، والذي تتفاوت التقييمات حول قراءة أبعاده وأهدافه.
وفي الوقت الذي من المقرر فيه أن يقدم المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، إحاطةً إلى مجلس الأمن حول آخر التطورات باليمن، في 25 يناير/كانون الثاني الحالي، تأخرت زيارته المقررة إلى العاصمة صنعاء، للقاء ممثلين عن تحالف جماعة أنصار الله (الحوثيين) وحزب المؤتمر الذي يتزعمه الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح. وهذا التأجيل يشير إلى أن خطة السلام التي يحملها المبعوث الدولي، والتي ترتكز أساساً على مقترحات كيري، قد وصلت إلى طريق مسدود، في ظل استمرار الهوة بين الأطراف، والتغيرات الأميركية التي من شأنها أن تغيّر في أولويات المقترحات الدولية وطبيعتها.
”
وكانت الجهود السياسية في اليمن، منذ أشهر، تمحورت حول المقترحات والأفكار التي قدمها كيري. وخلال زيارته إلى السعودية في 25 أغسطس/آب الماضي، اقترح كيري حلاً ينص في شقه السياسي على تشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها مختلف الأطراف بما فيها الحوثيون وحلفاؤهم. كما ينص في الشق الأمني، على مطالبة الحوثيين بسحب مسلحيهم من صنعاء ومدن أخرى بالإضافة إلى ترتيبات متعلقة بتأمين الحدود السعودية، ومنها الانسحاب من الحدود مسافة 30 كيلومتراً، وغيرها من المقترحات.
وفي الفترة التي أعقبت الإعلان عن مبادرة كيري، جرى استيعاب مضامينها في إطار “اللجنة الرباعية” المؤلفة من وزراء خارجية أميركا، بريطانيا، السعودية، والإمارات، لتخرج في أكتوبر/تشرين الأول بصيغة عُرفت بـ”خارطة الطريق” المقدمة من المبعوث الأممي. لكن الحكومة اليمنية الشرعية رفضت الخطة. ومع بدء الجولة الأخيرة للمبعوث الأممي منذ ما يقرب من أسبوعين، جرى الحديث عن وجود نسخة معدلة من هذه الخطة. لكن مصادر قريبة من الحكومة قالت لـ”العربي الجديد” إن اللقاءات تركزت حول إحياء لجنة التنسيق والتهدئة المعنية بالإشراف على وقف إطلاق النار، من دون أن تشير إلى المقترحات السياسية. وهذا الأمر يعني أن مصير “مبادرة كيري” سيكون مجهولاً ما لم تمض إدارة ترامب بدعم خطة المبعوث الأممي التي تحظى بإجماع الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن.
وكان ولد الشيخ أحمد، قد أفاد في تصريحات سابقة، عن أن خطة الإدارة الأميركية الجديدة بالتعامل مع الأزمة في اليمن، لم تتضح معالمها بعد. في المقابل، كشف السفير اليمني في واشطن، أحمد عوض بن مبارك، أخيراً، عن أن ترامب وخلال لقائه بالدبلوماسيين الأجانب في واشنطن، أبلغه أن “اليمن سيكون من أولوياته”.
”
التغيرات الأميركية من شأنها أن تغيّر في أولويات المقترحات الدولية وطبيعتها
”
وبسبب تصريحاته التي أطلقها خلال الحملة الانتخابية، تحديداً في ما يتعلق بالسعودية، كان الحوثيون ينظرون لصعود ترامب بأنه خطوة ستأتي على غير ما تريده الرياض. وهذا ما عبر عنه رئيس وفد الجماعة المفاوض، محمد عبدالسلام، في تصريحات تلفزيونية منذ عدة أشهر. لكن آمال الحوثيين بدأت تتلاشى مع ابتعاد ترامب، منذ فوزه، عن إطلاق تصريحات توضح موقفه من الأزمة في اليمن، وصولاً إلى التصريحات التي أطلقها المرشح لمنصب وزير الخارجية الأميركي الجديد، ريكس تيلرسون. وأفصح الأخير عن سياسات بلاده تجاه اليمن، متمسكاً بالدفاع عن السعودية مع تلميحه إلى دعمها وتزويدها بالمعلومات الاستخباراتية التي تمكنها من تجنب الأخطاء بقصف الأهداف المدنية.
ومنذ إغلاق سفارتها في صنعاء فبراير/شباط 2015، كان دور واشنطن يقتصر على المقترحات السياسية والضغوط التي تُمارسها على الأطراف، بالإضافة إلى لقاءات بدأت غير معلنة ثم تطورت إلى لقاءات معلنة مع ممثلين عن الحوثيين في العاصمة العُمانية مسقط. وعلى الصعيد العسكري، تنفذ الولايات المتحدة ضربات جوية بين الحين والآخر تستهدف مشتبهين بالانتماء لتنظيم “القاعدة” وسط وجنوب اليمن، وهي الضربات التي ارتفعت وتيرتها منذ سبتمبر/أيلول الماضي.
ميدانياً، أفادت مصادر عسكرية أمس الجمعة، بأن قوات “التحالف العربي” بقيادة السعودية، قتلت 29 من الحوثيين وحلفائهم في غارات شنتها على مواقعهم في محافظة الحديدة المطلة على البحر الأحمر خلال الـ24 ساعة الماضية.